الأربعاء، 26 ديسمبر 2018

ترجمة رسالة تعزية سماحته (دام ظلّه) بوفاة آية الله السيد محمود الهاشمي الشاهرودي


١٨-ربىع الآخر -١٤٤٠ هـ

بسم الله الرحمن الرحيم
(انا لله وانا اليه راجعون)
فضيلة حجة الاسلام السيد علاء الهاشمي الشاهرودي (دامت توفيقاته)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تلقينا بألم وأسى نبأ رحيل والدكم المكرم سماحة آية الله السيد محمود الهاشمي الشاهرودي (طاب ثراه).
واذ نعزيكم - في هذه المصيبة - ونعزي سائر متعلقيكم المحترمين والحوزة العلمية المقدسة بقم وجميع محبي و متعلقي الفقيد الجليل نسأل الله القادر المتعال ان يحشره مع اجداده الطاهرين ويمنّ على جميع ذويه بالصبر الجميل والاجر الجزيل. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم .
(١٨ / ع٢/ ١٤٤٠ هـ)
علي الحسيني السيستاني


*المصدر : موقع السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله 

السبت، 22 ديسمبر 2018

مواقيت الأهلة لعام 1440 هـ + تحميل الملف

وصايا المرجعية الدينية العليا لخطباء المنبر لعام 1440هـ

  بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة على المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين..
تشرّفنا في يوم الخميس الموافق (11/ ذي الحجة عام 1439هـ) بزيارة المرجع الأعلى سيدنا المفدّى السيد السيستاني (دام ظلّه الشريف) وتوجهنا اليه بطلب توصيات ابوية لنا ولعموم خطباء المنبر الحسيني بمناسبة قرب حلول شهر محرم الحرام، فتفضل علينا بهذه الكلمات النورانية المفعمة بروح العناية والغيرة والحرص على الدين، وحفظ موقعية المنبر الحسيني في أداء رسالته الخطيرة وقد أفاض (دام ظلّه الشريف) في الحديث في نقطتين:
النقطة الاولى :
في بيان دور المنبر الحسيني وخصوصاً في أيام موسم محرم الحرام، وافاد ان رسالة المنبر تتلخص ـ بالإضافة الى ذكر ما جرى على أهل البيت (عليهم السلام)  في نشر الدين وترسيخه في عقول المسلمين وقلوبهم من خلال بيان المعارف القرآنية ودفع الشبهات بالأدلة الوافية المقنعة وتربية نفوس المؤمنين على الورع والفضيلة والقيم المثلى.
وهذا بعينه هو الدور الذي أناطه الله (عزّ وجل) برسوله (صلى الله عليه وآله) الذي هو أول من ارتقى المنبر في الاسلام، وقد شرح القرآن لنا دوره في قوله (عزّ وجل):﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَ يُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ إِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ﴾ حيثُ اشارت الآية الكريمة الى ان الرسالة النبوية - التي كان المنبر اداة فاعلة لتبليغها - ترتكز على ترسيخ الدين بتزكية النفوس وتنقيتها من أدران الظلمات والامراض الروحية والاخلاقية وعرض معارفه القرآنية وغرس الحكمة في القلوب بمصاديقها المتنوعة علماً وعملاً.
كما ان الهدف الأسمى للحركة الاصلاحية التي قام بها سيد الشهداء (سلام الله عليه) هو حفظ الدين وترسيخه مقابل المنهج الاموي الذي كان قائماً على هدم ركائز الاسلام وقيمه كما يظهر من شواهد كثيرة تعرف بمراجعة النصوص التاريخية. فقد قامت نهضته (صلوات الله عليه) في مواجهة ذلك المنهج الخطير، وكانت رسالته وتضحيته من اجل أسمى هدف وهو حفظ الدين عن الزوال والانحراف، وفي اعتقادي انه لولا تضحية الامام الحسين (عليه السلام) بتلك الصورة العظيمة في تلك المرحلة العصيبة لم يبق للإسلام أثر يذكر لأن المخطط الاموي كان متقناً ويقرب من الوصول الى اهدافه، وبما ان المنبر الحسيني هو امتداد ليوم الحسين (عليه السلام) فدوره ووظيفته تتمحور حول الدين ترسيخاً ودفاعاً وتعليماً وتربيةً.
النقطة الثانية :
إنّ من أجلى مصاديق حفظ الدين وترسيخه في العصر الحاضر هو التصدي لدفع الشبهات المطروحة في مقابل الدين ومعارفه الاصيلة وقيمه الاخلاقية، ولكن ينبغي رعاية عدة أمور في هذا المجال:
الأمر الاول:
ان يكون الخطيب المتصدي لدفع الشبهات متضلعاً في هذا الباب متسلحاً بالخبرة ووفرة المعلومات، والا فان ما يفسده بتصديه ربما يكون اكثر مما يصلحه. والمنبر هو من أهم الوسائل المتاحة لدفع الشبهات عن العقيدة الحقة، وقد كان النبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام)مضافاً الى التصدي لبيان المعارف والتعاليم الدينية  يقومان على المنبر بدفع الشبهات التي كانت في اذهان بعض المسلمين لقرب عهدهم بالجاهلية او كانت تطرأ على اذهان البعض منهم تأثراً بأفكار دخيلة على المجتمع الاسلامي، ومن هنا تتبين أهمية دور المنبر الحسيني من حيث انه امتداد واستمرار لرسالة المصطفى والمرتضى (صلوات الله عليهما وآلهما) مما يقتضي ان يكون مرتقي المنبر ذا كفاءة وجدارة وأهلية علمية.
الأمر الثاني:
ان الشبهات على نوعين: فبعضها رائج ومشهور، وبعضها مطروح ولكن ليس بمتداول الا في نطاق محدود، ومن المناسب بل اللازم التصدي بشكل مباشر لدفع الشبه المعروفة في اوساط الناس، واما الشبه غير المتداولة على نطاق واسع فليس من الحكمة استعراضها وشرحها في اوساط العامة بل الصواب في علاجها أن يؤسس المبلّغ الديني بصورة محكمة للمضمون الذي به تندفع الشبهة عن اذهان من وقفوا عليها، من غير حاجة لذكرها والتعليق عليها.
الأمر الثالث:
ان من المعلوم ان لكل مقام مقالاً، ولذا فان على الخطيب ان يلاحظ المستوى الذهني والثقافي للمتلقين للخطاب بالمباشرة ام بالواسطة فلا يطرح من المعارف الدينية الا ما ينسجم مع المستويات الذهنية للمستمعين ويعتني بصياغة الشبهات وتوضيح الجواب عنها بمقدار نفوذها في اذهانهم، وقد ورد عن الرسول الاعظم (صلى الله عليه واله): ((إِنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نُكَلِّمَ النَّاسَ عَلَى‏ قَدْرِ عُقُولِهِمْ))..
 الأمر الرابع:
لا بد من أقصى الاستفادة من معين علوم أهل البيت (سلام الله عليهم)المأثور عنهم بالطرق المعتبرة والمصادر الموثوقة، وقد ورد عنهم (سلام الله عليهم) ((إِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ‏ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا)) وتشتمل محاسن كلامهم على منظومة فكرية متكاملة متنوعة المضمون كالقرآن الكريم، ففيها من روائع الحكم ومعالم الاخلاق وإثارة دفائن العقول ودفع الشبهات ما ينير الانسان المسلم ويجعله واثقاً بعقيدته ودينه، وذلك هو مقتضى كونهم الثقل الثاني للقرآن بصريح حديث الثقلين وغيره. فعلى الخطيب الحسيني أن يهتم بهذا الجانب في خطابته كما عليه أن يهتم بذكر مصائب أهل البيت (عليهم السلام) وما جرى عليهم في فاجعة كربلاء لما لذلك من تأثير بالغ في بقاء هذه القضية حية في النفوس.
نسأل الله تعالى أن يوفق جميع الخطباء لأداء دورهم على الوجه الاحسن ويسدد خطاهم في ترسيخ الدين وتزكية نفوس أهله إنه سميع مجيب.
السيد منير الخباز


استفتاء حول بعض الأعراف العشائرية


استفتاء حول المراسلات من خلال شبكات التواصل العالمية ( الانترنيت )


نصائح سماحة السيد (دام ظلّه) للشباب المؤمن

بسم الله الرحمن الرحيم
تحيّة طيبة للمرجع الديني الأعلى سماحة  آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظلّه الوارف)
نحن جمعٌ من الشباب الجامعي ومن الذين ينشطون في المجال الاجتماعي، نرجو التفضّل علينا ببعض النصائح التي تنفعنا في هذه الأيّام والتي توضح دور الشباب وماذا يتطلّب منهم لكي يمارسوا دورهم، وغيرها من النصائح التي تنفعهم برأيكم الكريم.
جمعٌ من الشباب الجامعي والناشطين الاجتماعيين

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمدٍ وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أمّا بعد فإنّني أوصي الشباب الأعزاء ـــ الذين يعنيني من أمرهم ما يعنيني من أمر نفسي وأهلي ـــ بثمان وصايا هي تمام السعادة في هذه الحياة وما بعدها، وهي خلاصة رسائل الله سبحانه إلى خلقه وعظة الحكماء والصالحين من عباده، وما أفضت إليه تجاربي وانتهى إليه علمي:
الأولى : لزوم الاعتقاد الحق بالله سبحانه والدار الآخرة، فلا يفرطن أحدكم بهذا الاعتقاد بحال ٍ بعد أن دلّت عليه الأدلّة الواضحة وقضى به المنهج القويم، فكل كائن في هذا العالم ـــ إذا سبر الإنسان أغواره ـــ صنع بديع يدلّ على صانع قدير وخالق عظيم، وقد توالت رسائله سبحانه من خلال أنبيائه للتذكير بذلك، وقد أبان فيها عزّ وجل أنّ حقيقة هذه الحياة ـــ كما رسمها هو ـــ مضمار يبلو فيه عباده أيّهم أحسن عملاً، فمن حجب  عنه وجود الله سبحانه والدار الآخرة فقد غاب عنه من الحياة معناها وآفاقها وعاقبتها وأظلمت عليه المسيرة فيها، فليحافظ كلّ واحد ٍ منكم على اعتقاده بذلك، وليجعله أعزّ الأشياء لديه كما هو أهمّها، بل يسعى إلى أن يزداد به يقيناً واعتباراً حتّى يكون حاضراً عنده، ينظر إليه بالبصيرة النافذة والرؤية الثاقبة، وعند الصباح يحمد القوم السرى.
وإذا وجد المرء من نفسه في برهة من عنفوان شبابه ضعفاً في دينٍ مثل تثاقلٍ عن فريضة ٍ أو رغبة ٍ في ملذّة ٍ فلا يقطعن ارتباطه بالله سبحانه وتعالى تماماً، فيصعّب على نفسه سبيل الرجعة، وليعلم أنّ الإنسان إذا تنكّر لأمر الله سبحانه في حالة الشعور بالقوّة والعافية اغتراراً بها فإنّه يؤوب إليه تعالى في مواطن العجز والضعف اضطراراً، فليتأمل حين عنفوانه ــ الذي لا يتجاوز مدّة محدودة ــ في ما هو مقبل عليه من مراحل الضعف والوهن والمرض والشيخوخة.
وإيّاه أن ينزلق إلى التشكيك في المبادئ الثابتة لتوجيه مشروعية ممارساته وسلوكه اقتفاءً لشبهات لم يصبر على متابعة البحث فيها، أو استرسالاً في الاعتماد على أفكارٍ غير ناضجة أو اغتراراً بملذّات هذه الحياة وزبرجها، أو امتعاضاً من إستغلال بعضٍ لاسم الدين للمقاصد الشخصيّة، فإنّ الحق لا يقاس بالرجال بل يقاس الرجال بالحق.
الثانية : الاتّصاف بحسن الخلق، فإنّه جامع للفضائل الكثيرة من الحكمة والتروّي والرفق والتواضع والتدبير والحلم والصبر وغيرها، وهو بذلك من أهمّ أسباب السعادة في الدنيا والآخرة، وأقرب الناس إلى الله سبحانه وأثقلهم ميزاناً في يوم ٍ تخفّ فيه الموازين هو أحسنهم أخلاقاً، فليُحسّن أحدكم أخلاقه مع أبويه وأهله وأولاده وأصدقائه وعامّة الناس، فإن وجد من نفسه قصوراً فلا يهملنّ نفسه بل يحاسبها ويسوقها بالحكمة إلى غايته، فإن وجد تمنّعاً منها فلا ييأس بل يتكلّف الخلق الحسن، فإنّه ما تكلّف امرؤٌ طباع قوم إلاّ كان منهم، وهو في مسعاه هذا أكثر ثواباً عند الله سبحانه ممّن يجد ذلك بطبعه.
الثالثة : السعي في إتقان مهنة و كسب تخصّص، وإجهاد النفس فيه، والكدح لأجله، فإنّ فيه بركات كثيرة يشغل به قسماً من وقته، وينفق به على نفسه وعائلته، وينفع به مجتمعه، ويستعين به على فعل الخيرات، ويكتسب به التجارب التي تصقل عقله وتزيد خبرته، ويطيب به ماله، فإنّ المال كلّما كان التعب في تحصيله أكثر كان أكثر طيباً وبركة، كما أنّ الله سبحانه وتعالى يحبّ الإنسان الكادح الذي يجهد نفسه بالكسب والعمل، ويبغض العاطل والمهمل ممّن يكون كلاّ ً على غيره، أو يقضي أوقاته باللهو واللعب، فلا ينقضينَّ شباب أحدكم من دون إتقان مهنة أو تخصّص ٍ فإنّ الله سبحانه جعل في الشباب طاقات ٍ نفسيّة ً و جسديّة ً ليكوّن المرء من خلالها رأس مال ٍ لحياته، فلا يضيعنّ بالتلهّي والإهمال.
وليهتم كلّ واحدٍ بمهنته وتخصّصه حتى يتقنها، فلا يقولنّ بغير علم ولا يعملنّ على غير خبرة، بل يعتذر فيما لا يستطيعه أو يعلمه أو فليرجع إلى غيره ممن هو أخبر منه، فإنّه أزكى له وأجلب للوثوق به، وليعمل عمله ووظيفته بنَفَسٍ واهتمام، وتذوّقٍ وإقبال، فلا يكون همّه مجرّد جمع المال ولو من غير حلّه، فإنّه لا بركة في المال الحرام، ومن جمع مالاً من غير حلّه لم يأمن من أن يفتح الله عليه من البلاء ما يضطرّ إلى إنفاقه فيه مع مزيد عناءٍ وابتلاء، فلا غنى به للمرء في الدنيا، وهو وبال عليه في الآخرة.
وليجعل نفسه ميزاناً بينه وبين غيره فيكون عمله لغيره على نحو ما يعمله لنفسه، ويحبّ أن يعمله له الآخرون، وليحسن كما يحب أن يُحسن الله سبحانه إليه، وليراع أخلاقيات المهنة ولياقاتها، فلا يتشبث بالطرق الوضيعة التي يستحي من أن يعلنها، وليعلم أن العامل والمتخصّص مؤتمن على عمله من قِبَل من يعمل له ويرجع إليه، فليكن ناصحاً له، وليحذرن خيانته من حيث لا يعلم، فإنّ الله تعالى رقيب عليه وناظر إلى عمله، ومستوفٍ منه إن عاجلاً أو آجلاً، وأنّ الخيانة والغدر لهما أقبح الأعمال عند الله سبحانه وأخطرها من حيث العواقب والآثار.
وليهتمّ الأطباء بين أهل المهن بمزيد اهتمام بهذه النصائح لأنهم يتعاملون مع نفوس الناس وأبدانهم، فليحذرن كل الحذر من تخطّى ما تقدّم فإنّه يؤول إلى سوء العاقبة وإنّ غداً لناظره قريب.
وقد قال سبحانه عزّ من قائل: [وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ]، وعن النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (إنّ الله تعالى يحبّ إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه).
وليهتم طلاّب العلم الجامعي والأساتذة فيه بالإحاطة بما يتعلّق بمجال تخصّصهم مما انبثق في سائر المراكز العلمية وخاصّة علم الطب حتّى يكون علمهم ومعالجتهم لما يباشرونه في المستوى المعاصر في مجاله، بل عليهم أن يهتمّوا بتطوير العلوم من خلال المقالات العلمية النافعة والاكتشافات الرائدة، ولينافسوا المراكز العلمية الأخرى بالإمكانات المتاحة، وليأنفوا من أن يكونوا مجرّد تلامذة لغيرهم في تعلّمها ومستهلكين للآلات والأدوات التي يصنعونها، بل يساهموا مساهمة فعّالة في صناعة العلم وتوليده وانتاجه، كما كان آباؤهم روّاداً فيها وقادةً لها في أزمنة سابقة، وليست أمة أولى من أمة بذلك، وعليكم برعاية القابليّات المتميّزة بين الناشئين والشباب ممّن يمتاز بالنبوغ ويبدو عليه التفوّق والذكاء حتّى إذا كان من الطبقات الضعيفة وأعينوهم مثل إعانتكم لأبنائكم حتّى يبلغوا المبالغ العالية في العلم النافع، فيكتب لكم مثل نتاج عملهم وينتفع به مجتمعكم وخلفكم.
الرابعة : التزام مكارم الأفعال والأخلاق وتجنّب مذامها، فما من سعادةٍ وخيرٍ إلاّ ومبناها فضيلة، وما من شقاء ٍ وشرّ ٍ ــ عدا ما يختبر الله به عباده ــ  إلاّ ومنشؤهُ رذيلة، وقد صدق الله سبحانه إذ قال [وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ].
فمن الخصال الفاضلة: المحاسبة للنفس، والعفاف في المظهر والنظر والسلوك، والصدق في القول، والصلة للأرحام، والأداء للأمانة والوفاء بالعهود والالتزامات، والحزم في الحق، والترفع عن التصرّفات الوضيعة والسلوكيّات السخيفة.
ومن مذامّ الخصال: العصبيّات الممقوتة، والانفعالات السريعة،والملاهي الهابطة، ومراءاة الناس، والإسراف عند الغنى، والاعتداء عند الفقر، والتبرّم عند البلاء، والإساءة إلى الآخرين ولا سيّما الضعفاء، وهدر الأموال، وكفران النعم، والعزّة بالإثم، والإعانة على الظلم والعدوان، وحب المرء أن يُحمد على ما لم يفعله.
وأؤكد على الفتيات في أمر العفاف، فإنّ المرأة لظرافتها أكثر تأذّياً وتضرّراً بالسلبيات الناتجة عن عدم الحذر تجاه ذلك، فلا ينخدعن بالعواطف الزائفة ولا يلجن في التعلقات العابرة مما تنقضي ملذّتها، وتبقى مضاعفاتها ومنغّصاتها. فلا ينبغي للفتيات التفكير إلاّ في حياة مستقرّة تملك مقوّمات الصلاح والسعادة، وما أوقر المرأة المحافظة على ثقلها ومتانتها المحتشمة في مظهرها وتصرفاتها، المشغولة بأمور حياتها وعملها ودراستها.
الخامسة : الاهتمام بتكوين الأسرة بالزواج و الإنجاب من دون تأخير، فإنّ ذلك أنسٌ للإنسان ومتعة، وباعثٌ على الجدّ في العمل، وموجبٌ للوقار والشعور بالمسؤولية، واستثمارٌ للطاقات ليوم الحاجة ووقايةٌ للمرء عن كثيرٍ من المعاني المحظورة والوضيعة حتى ورد أنّ من تزوّج فقد أحرز نصف دينه، وهو قبل ذلك كلّه سنة لازمة من أوكد سنن الحياة وفطرة فطرت النفس عليها، لم يفطم امرؤ نفسه عنها إلاّ وقع في المحاذير وابتلى بالخمول والتكاسل، ولا يخافنّ أحدٌ فيه فقراً فإنّ الله سبحانه جعل في الزواج من أسباب الرزق ما لا يحتسبه المرء في بادىء نظره، وليهتم أحدكم بخلق من يتزوجها ودينها ومنبتها، ولا يبالغن في الاهتمام بالجمال والمظهر والوظيفة فإنّه اغترار سرعان ما ينكشف عنه الغطاء عند ما تفصح له الحياة عن جدّها واختباراتها، وقد ورد في الحديث التحذير من الزواج بالمرأة لمحض جمالها، وليعلم أنّ من تزوّج امرأة لدينها وخلقها بورك له فيها.
 ولتحذر الفتيات وأولياؤهن من ترجيح الوظائف على تكوين الأسرة والاهتمام بها، فإنّ الزواج سنّة أكيدة في الحياة، والوظيفة أشبه بالنوافل والمتمّمات، وليس من الحكمة ترك تلك لهذه، ومن غفل عن هذا المعنى في ريعان شبابه ندم عليها عن قريب حين لا تنفعه الندامة، وفي تجارب الحياة شواهد على ذلك.
ولا يحلّ لأوليائهنّ عضلهن عن الزواج أو وضع العراقيل أمامه بالأعراف التي لم يلزم الله بها مثل المغالاة في المهور والانتظار لبني الأعمام أو السادات، فإنّ في ذلك مفاسد عظيمة لا يطلعون عليها، وليعلم أنّ الله سبحانه لم يجعل الولاية للآباء على البنات إلاّ للنصح لهن والحرص على صلاحهن و من حبس امرأة لغير صلاحها فقد باء بإثمٍ دائم ٍ ما دامت تعاني من آثار صنيعه وفتح على نفسه بذلك باباً من أبواب النيران.
السادسة : السعي في أعمال البرّ ونفع الناس  ومراعاة الصالح العامّ ولا سيّما ما يتعلّق بشؤون الأيتام والأرامل والمحرومين، فإنّ فيها تنمية للإيمان  وتهذيباً للنفس وزكاة لما أوتيه المرء من نعم وخيرات، وفيها سنّ للفضيلة وتعاون على البرّ والتقوى وأداء صامت للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومساعدة لأولياء الأمور على حفظ النظام العامّ ورعاية المصالح العامة، وموجبٌ لتغيير حال المجتمع إلى الأفضل، فهو بركة في هذه الدنيا ورصيد للآخرة، وإنّ الله سبحانه يحبّ المجتمع المتكافل المتآزر الذي يهتّم المرء فيه بهموم إخوانه وبني نوعه ويحبّ لهم من الخير مثل ما يحبّ لنفسه.
وقد قال عزّ من قائل: [وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ]، وقال:
[ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ]، وقال النبيّ (صلّى الله عليه وآله): (لا يؤمن أحدكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه ويكره لأخيه ما يكره لنفسه)، وقال أيضاً: (من سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها).
    السابعة : أن يُحسن كلّ امرئ وليَ شيئاً من شؤون الآخرين أمر ما تولاّه، سواء في الأسرة أو في المجتمع، فليُحسن الآباء رعاية أولادهم والأزواج رعاية أهاليهم وليتجنّبوا العنف والقسوة حتّى فيما اقتضى الموقف الحزم رعايةً للحكمة وحفاظاً على الأسرة والمجتمع ، فإنّ أساليب الحزم لا تنحصر بالإيذاء الجسدي أو الألفاظ النابية بل هناك أدوات ومناهج تربوية أخرى يجدها من بحث عنها وشاور أهل الخبرة والحكمة بشأنها، بل الأساليب القاسية كثيراً ما تؤدّي إلى عكس المطلوب بتجذّر الحالة التي يراد علاجها وانكسار الشخص الذي يُراد إصلاحه، ولا خير في حزم ٍ يقتضي ظُلماً، ولا في علاج لخطأٍ بخطيئة.
ومن ولّي أمراً من أمور المجتمع فليهتم به وليكن ناصحاً لهم فيه ولا يخونهم فيما يغيب عنهم من واجباته، فإنّ الله سبحانه متولٍّ لأمورهم وأمره جميعاً و سوف يسأله يوم القيامة سؤالاً حثيثاً، فلا ينفقن أموال الناس في غير حلّها، ولا يقرّرن قراراً في غير جهة النصح لهم، ولا يستغلّن موقعه لتكوين فئة وحزب يتستّر بعضهم على بعضٍ ويتبادلون المنافع المحظورة والأموال المشبوهة، ويزيحون الآخرين عن مواضع يستحقونها أو يمنعون عنهم خدمات يستوجبونها، وليكن عمله لجميع الناس على وجه واحد فلا يجعله سبيلاً للمجازاة على حقوق خاصّة عليه لقرابة أو إحسان أو غير ذلك، فإنّ وفاء الحقوق الخاصّة بالحق العام جور وفساد، فإن ساغ لك ترجيح أحد فعليك بترجيح الضعيف الذي لا حيلة له ولا جهة وراءهُ ولا معين له على أخذ حقّه إلاّ الله سبحانه. ولا يستظهرنّ أحد في توجيه عمله بدين أو مذهب، فإنّ الدين والمذاهب الحقّة قائمة على المبادئ الحقّة من رعاية العدل والإحسان والأمانة وغيرها، وقد قال الله سبحانه: [لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ]، وقال الإمام (عليه السلام): (إنّي سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول في غير موطن : لنْ تُقَدَّسَ أُمَّةٌ لا يُؤْخَذُ لِلضَّعِيفِ فِيهَا حَقَّهُ مِنَ الْقَوِيِّ غَيْرَ مُتَعْتِعٍ). فمن بنى على غير ذلك فقد زيّن لنفسه الأماني الزائفة والآمال الكاذبة، وأحقّ الناس بأئمة العدل كالنبيّ (صلّى الله عليه وآله)، والإمام علي (عليه السلام)، والحسين الشهيد (عليه السلام) أعملهم بأقوالهم وأتبعهم لسيرتهم، وليلتزم المتولي لأمور الناس بمطالعة رسالة الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر عندما بعثه إلى مصر، فإنّها وصف جامع لمبادئ العدل وأداء الأمانة وهو نافعٌ للولاة ومن دونهم كلٌُّ بحسب ما يناسب حاله، وكلّما كان ما تولاّه المرء أوسع كان ذلك له ألزم وآكد.
الثامنة : أن يتحلّى المرء بروح التعلّم وهمّ الازدياد من الحكمة والمعرفة في جميع مراحل حياته ومختلف أحواله، فيتأمل أفعاله وسجاياه وآثارها وينظر في الحوادث التي تدور حوله ونتائجها، حتى يزداد في كلّ يوم معرفة وتجربة وفضلاً، فإنّ هذه الحياة مدرسة متعدّدة أبعادها، عميقة أغوارها، لا يستغني المرء فيها عن التزوّد من العلم والمعرفة والخبرة، ففي كلّ فعل وحدث دلالة وعبرة، وفي كلّ واقعة رسالة ومغزى، تفصح لمن تأمّلها عما ينتمي إليه من الظواهر والسنن، وتُمثّل ما يناسبها من العظات والعبر، فلا يستغني المرء فيها عن التزود من العلم والمعرفة والخبرة حتّى يلقى الله سبحانه، وكلّما كان المرء أكثر تبصّراً أغناه ذلك في معرفة الحقائق عن مزيد من التجارب والأخطاء. وقد قال تعالى: [وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً]، وقال لنبيّه (صلّى الله عليه وآله): (وقل ربّ زدني علماً). 
وينبغي للمرء أن يأنس بكتبٍ ثلاثة يتزوّد منها بالتأمّل والتفكير :
أوّلها وأولاها : القرآن الكريم فهو آخر رسالة من الله سبحانه إلى خلقه وقد أرسلها إليهم ليثير دفائن العقول ويفجّر من خلالها ينابيع الحكمة،  ويليّن بها قساوة القلوب، وقد بيّن فيها الحوادث ضرباً للأمثال، فعلى المرء أن لا يترك تلاوة هذا الكتاب على نفسه، يُشعرها أنّه يستمع إلى خطاب الله سبحانه له، فإنّه تعالى أنزل كتابه رسالة منه إلى جميع العالمين.
 وثانيها : نهج البلاغة فإنّه على العموم تبيين لمضامين القرآن وإشاراته بأسلوب بليغ يُحفّز في المرء روح التأمل والتفكير والاتّعاظ والحكمة. فلا ينبغي للمرء أن يترك مطالعته كلّما وجد فراغاً أو فرصة، وليشعر نفسه بأنّه ممّن يخطب فيهم الإمام (عليه السلام) كما يتمنّاه، وليهتمّ برسالته (عليه السلام) إلى ابنه الحسن (عليه السلام) فإنّها جائت لمثل هذه الغاية.
وثالثها : الصحيفة السجّادية فإنّها تتضمّن أدعية بليغة تستمدّ مضامينها من القرآن الكريم وفيها تعليم لما ينبغي أن يكون عليه الإنسان من توجّهات وهواجس ورؤى وطموح، وبيان لكيفيّة محاسبته لنفسه ونقده لها ومكاشفتها بخباياها وأسرارها، ولا سيّما دعاء مكارم الأخلاق منها.
فهذه ثمان وصايا هي أصول الاستقامة في الحياة وأركانها ، وهي تذكرة ليس إلاّ، إذ يجد المرء عليها نور الحق وضياء الحقيقة وصفاء الفطرة وشواهد العقل وتجارب الحياة قد نبّهت عليها الرسائل الإلهية ومواعظ المتبصّرين، فينبغي لكلّ امرئ أن يأخذ بها أو يسعى إليها ولا سيّما الشباب الذين هم في عنفوان طاقتهم وقدراتهم الجسدية والنفسية والتي هي رأس مال الإنسان في الحياة، فإن فاتهم بعضها أو المرتبة العالية منها فليعلموا أنّ أخذ القليل خيرٌ من ترك الكثير، وإدراك البعض خير من فوات الكل، وقد قال سبحانه: [فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ  * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ]. 
أسأل الله أن يوفقكم لما يفضي بكم إلى السعادة والسداد في الآخرة والأولى فإنّه وليّ التوفيق.

المصدر : موقع السيد السيستاني دام ظله

السبت، 29 سبتمبر 2018

المرجعية العليا: لا نؤيد من كان في السلطة في السنوات السابقة لموقع رئاسة الوزراء



٢٩-ذي الحجة -١٤٣٩ هـ

علق مصدر مقرب من المرجعية الدينية على ما ذكره بعض النواب في وسائل الاعلام من ان المرجعية سمّت عدداً من السياسيين ورفضت اختيار أي منهم لموقع رئاسة الوزراء قائلاً :

إنّ هذا الخبر غير دقيق فان ترشيح رئيس مجلس الوزراء انما هو من صلاحيات الكتلة الاكبر بموجب الدستور وليس للآخرين رفض مرشحها، ومن هنا فان التعبير بالرفض لم يصدر من المرجعية الدينية، كما انها لم تسم اشخاصاً معينين لأي طرف بخصوصه، وانما ذكرت لمختلف الاطراف التي تواصلت معها -بصورة مباشرة او غير مباشرة – انها لا تؤيد رئيس الوزراء القادم اذا اختير من السياسيين الذين كانوا في السلطة في السنوات الماضية بلا فرق بين الحزبيين منهم والمستقلين، لانّ معظم الشعب لم يعد لديه أمل في أي من هؤلاء في تحقيق ما يصبو اليه من تحسين الاوضاع ومكافحة الفساد، فان تمّ اختيار وجه جديد يعرف بالكفاءة والنزاهة والشجاعة والحزم والتزم بالنقاط التي طرحت في خطبة الجمعة (١٣/ذي القعدة الموافق ٧/٢٧) كان بالامكان التواصل معه وتقديم النصح له فيما يتعلق بمصالح البلد والا استمرت المرجعية على نهجها في مقاطعة المسؤولين الحكوميين، كما انها ستبقى صوتاً للمحرومين تدافع عن حقوقهم وفق ما يتيسر لها.